Wednesday, January 27, 2010

شبح بطالة الخريجين

شبح بطالة الخريجين


19/08/2006

نظرة في مرآة الواقع

شبح بطالة الخريجين

هناك علاقة وثيقة بين كل من قوى العرض من العمالة والطلب عليها، وإن تطور عرض العمالة الناجم عن تطوير التعليم كماً ونوعاً يساعد في تحسين إنتاجية العمالة وتحفيز الطلب وتوسيعه على العمالة الماهرة، مما ينعكس بشكل مباشر على استثمارات رأس المال البشري وبخاصة بين صفوف حملة شهادات التعليم العالي الفلسطيني/الجامعي والكليات المتوسطة ومراكز التدريب المهني عبر تطوير التعليم والتدريب الميداني الذي يتبع العملية التعليمية مما يسد الفجوة القائمة بين ما يدرس من تخصصات في الجامعات والكليات الفلسطينية وبين حاجة السوق الفلسطيني من تلك التخصصات، إلا أن تطوير العمالة في فلسطين يواجه عدة معوقات وخاصة تجهيز العمالة الماهرة التي تفضي إلى تطوير القدرة التنافسية داخل السوق الفلسطينية، حيث تشير الإحصائيات إلى تنامي نسبة البطالة في سوق العمل الفلسطينية، وكانت أعلى نسبة للبطالة تتركز في فئة الشباب حيث وصلت 37.2%، لأسباب عدة : " أولها صغر ومحدودية حجم السوق وعدم قدرتها على مواكبة حجم النمو السكاني من ناحية وفتوة الهيكل السكاني من ناحية أخرى، بالإضافة إلى الافتقار إلى قاعدة معلومات حول خصائص العرض والطلب عليه في سوق العمل مما يساعد الخريجين في ترشيد اختياراتهم للتخصصات، ومنها أيضا قلة وضعف كفاءة خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطيني ومحدودية مهاراتهم وافتقارهم إلى المعارف التطبيقية بتخصصاتهم، عدا عن ذلك كلاسيكية التخصصات المتوفرة في الجامعات والكليات الفلسطينية وافتقارها للتخصصات الحديثة التي يزداد عليها الطلب في سوق العمل.

تمتلئ صفحات الصحف المحلية بالتبريكات والتهاني وصور الخريجين من مؤسسات التعليم العالي ومقابلها أخبار البطالة وضعف السوق، وقلة الاستثمار والأزمة المالية.

آلاف الخريجين الفلسطينيين لبسوا ثوب التخرج وأخذوا استراحتهم بعد آخر فصول التعليم، وتوجهوا إلى استوديوهات التصوير للحصول على صورهم التي تجمعهم وأقرانهم، واحتفلوا وذويهم بتخرجهم بنجاح من الجامعات والكليات والمعاهد الفلسطينية، فها هو المهندس والصحفي والإداري والطبيب والأستاذ المحامي وكل يتباهى على طريقته، وما أن تنتهي هذه الطقوس الاحتفالية حتى يبدأ الخريج باحثاً في ذاته عن أول خطوة عليه القيام بها، فتبدأ الاتصالات المتبادلة بين الأصحاب، ما هي الأماكن التي يمكننا أن نرسل إليها سيرتنا الذاتية؟ ما هي فرصتنا في الحصول على هذا الشاغر الوظيفي أو ذاك؟ أمن المعقول أنني أستطيع أن ابدأ مشروعي الخاص؟ وبعضهم الآخر يقف مكتوف اليدين أمام ما يسمعه عن شبح البطالة وظروف سوق العمل، فيما يتخبط جميعهم في أول فرصة تتاح لهم عند استقبالهم اتصالا من إحدى الشركات أو المؤسسات تدعوهم لمقابلة عمل وينتظر جميعهم بفارغ الصبر اتصالا آخر من ذات الجهة فمتى يأتي الفرج؟

إن تشخيص الحالة لا يكتنفه أي غموض إلا أنها تتطلب نظرة أخرى في مرآة واقعنا، فسوق العمل الفلسطينية التي تمتاز بصغر حجمها تتطلع إلى العمالة الماهرة ذات الخبرة، وتحتاج إلى عدد من التخصصات التي ترتبط بطبيعة الاستثمارات المعمول بها وببعض المهن غير التقليدية فعلى الرغم من وجود العديد من التخصصات في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية إلا أنها متكررة مما جعلها تشكل عبئاً على سوق العمل الفلسطيني، فيما نجد أن العمل في مؤسسات التعليم العالي، يأتي في معزل عن بعضها البعض وعن حاجة سوق العمل من تخصصات، وبين هذا وذاك خريجون عاطلون عن العمل بسبب توجههم إلى التخصصات التي لا تناسب ميولهم وقله كفاءتهم من ناحية وصعوبة تجاوبهم مع ما هو مطلوب من تطبيقات عملية لدى رب العمل، فلا غرابة أن 37.2 % عاطلون عن العمل، الوقوف على المشكلة وإيجاد فرص لحلها يتطلب الخروج بسياسة وطنية واضحة تعمل من خلالها مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية، وبناء تحالف مؤسساتي يقع على عاتقه الاهتمام بفئة الشباب الذي يشكلون ما يزيد على نصف المجتمع الفلسطيني وجعلهم أولوية في منظومة العمل المجتمعي، مقابل ما يعول على طلاب الجامعات السعي قدما نحو تنمية قدراتهم ومهاراتهم من خلال البرامج التي تعنى بتدريب الخريجين، والاتجاه إلى سوق العمل والتجربة العملية في مرحلة ما قبل التخرج الذي يزيد من فرصهم للحصول على فرصة عمل.

ونحن هنا لسنا بصدد تشخيص الحالة فحسب وإنما نطرق باب المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق القطاعين العام والخاص، لإيجاد سياسات وبرامج واضحة للحد من ظاهرة البطالة لا سيما بين صفوف خريجي الجامعات، والاستثمار في رأس المال البشري الذي لا ينفك يرتبط ارتباطاً وثيقاً في ميزان الإنتاجية وبالقدرة التنافسية في مختلف القطاعات، ومساندة الطلاب وترشيدهم في اختيار تخصصهم وما يتلاءم مع حاجة سوق العمل .

http://www.najah.edu/index.php?news_id=2120&l=ar&page=2069

No comments:

Post a Comment